جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
الصراع في دارفور مقال يؤصل لكيفية بدء الصراع في إقليم دارفور بدولة السودان
تختلف الروايات حول النزاع الأول الذي ظهر على السطح كحالة تستحق المعالجة الخارجية في دارفور، فوفقًا لمركز تراث دارفور أنه لم تسجل حالة تخطى فيها النزاع حدوده الطبيعية كخلاف صغير بين رعاة ومزارعين إلا عام 1968م.
وكان خلافا عربيًّا عربيًّا -رعويًّا- بين الرزيقات والمعالية، وهو خلاف إداري وسياسي، حيث وعدت الأحزاب المعالية بالاستقلال عن إدارة الرزيقات وإعطائهم نظارة منفصلة من أجل كسب أصواتهم الانتخابية.
ولم يصبح حوار البندقية أصلاً من أصول دارفور إلا بعد الحرب التشادية الليبية أواخر الثمانينيات، والحرب التشادية التشادية بعدها، ولم يعرف الجنجويد كمصطلح يطلق على اللصوص إلا بعد نزوح قبائل تشادية إلى دارفور؛ فالتسمية تشادية أصلاً والمصطلح دخيل عليهم من تشاد..
فدارفور منذ نشأتها عرفت بالتسامح الذي جبلت عليه قبائلها -العربية منها والإفريقية- وكان مشهد التنقل من الجنوب إلى الشمال في فصل الخريف لدى الرحّل مشهدًا دالاًّ على التناغم والمحبة بين هذه القبائل التي تزيد على 85 قبيلة، وكانت له أسس وقواعد مرعية؛ فرحلة البدو لها وقت محدد ولها إذن أيضًا يأخذونه من أصحاب الأراضي الزراعية.
فطرق سير القبائل الرعوية وهو ما يعرف بالمراحيل محددة من قبل السلطان وعددها 11 مرحالاً، وعند بداية الرحلة ترسل القبائل المرتحلة مندوبًا إلى القرى التي سيمرون بها؛ لتعلمهم بوقت المرور فتخرج كل قرية لتستقبل ضيوفها وتقيم لهم الاحتفالات..
وفى هذه الرحلات كان التزاوج متاحًا بين القبائل، وكذلك التبادل التجاري، وقد يصل الأمر إلى "حلف الكتاب" وهي أقصى درجات الموالاة بين قبيلة وأخرى عندما تحلفان على أنهما أهل, وأن الصلة بينهم صلة دم.
هذه المشاهد كان يعكر صفوها أحيانًا بعض التعديات البسيطة بين قبيلة وقبيلة ولكنها سرعان ما تحل "بالوطي والركوبة ومجلس الأجاويد".
والوطي هي الأرض يجلسون عليها ليعرض كل منهم مشكلته، أما الركوبة فهي مكان كبير واسع يبنى من القش تعقد بداخله الجلسات، وأما الأجاويد فهم نظار القبائل وشيوخها وأهل الحل والعقد وكلمتهم مسموعة وحكمهم نافذ يسمع له المخطئ ويرتضي به صاحب الحق.
وفي الركوبة تدفع الديات، وغالبًا ما كان يتم الصفح عن المسيء على أن تتذكر قبيلة الجاني ما قدمته قبيلة القتيل إذا حدث تعدٍّ منها في يوم من الأيام باعتبار أن بينهما ركوبة، ويكون على القبيلة المخطئة أن تساعد القبيلة الأخرى في دياتها وتتكافل معها في مشاكلها الأخرى.
التعليقات
إرسال تعليقك